هناك في قلب أفريقيا حيث تشرق شمس الإسلام رغم ازدحام سمائها بغيوم التنصير، في تلك القارة العظيمة ولد رجال حملوا هم الدعوة وبذلوا في سبيل الإسلام ما كان له دور كبير في الحفاظ على زهرة الإسلام متفتحة. وبالرغم من ذلك فإن الحياة تأبى إلا وأن تتنكر لهؤلاء الرجال وتتفق الدنيا بأكملها على أن تمحو ذكراهم من ذاكرة الأمة ولكن... كيف لرجل قدم حياته في سبيل أن تبقى بلاده مسلمة أن يغيب ذكره عن عقول المفكرين وأصحاب الأقلام المتحدثة باسم الإسلام، كيف لهم أن ينسوا الحاج أحمد بللو(1910) المفكر الإسلامي والسياسي المبدع الذي قاد صناعة السياسة الحديثة في نيجيريا المسلمة!!
بل كيف ننسى رجل لا يستطيع الإنجليز أن ينسوا وقفته في وجههم وقفة عظيمة أقضت مضاجعهم وأفشلت مخططاتهم في تنصير نيجيريا المسلمة. وكيف ينسى الصهاينة الرجل الذي طرد قنصليتهم من نيجيريا؟!
هذا الرجل الذي ورث حب الجهاد والعمل الإسلامي أبا عن جد فقد كان أجداده من المناضلين من أجل الإسلام وأبوه الأمير إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بللو وجده الكبير الشيخ عثمان بن فوديو مؤسس الإمبراطورية الإسلامية المنقرضة والتي قامت في القرن الثامن عشر الميلادي.
بدأ الحاج أحمد بللو رحلته في هذه الحياة في الكتاتيب القرآنية ثم التحق بالمدرسة البريطانية الابتدائية وبعدها التحق بكلية المعلمين في كاتشينا. سافر إلى بريطانيا عام 1948 ودرس تخصص الحكم المحلي وبعد عودته أصبح عضوًا في المجلس التشريعي ثم تولى حقيبة وزارة الحكم المحلي عام 1953 ثم أصبح رئيس وزراء الإقليم الشمالي النيجيري عند منحها الحكم الذاتي عام 1954.
لقد تمكن الحاج أحمد بللو من توظيف نفوذه السياسي للحفاظ على التراث الإسلامي الذي بناه أجداده من قبل وسار على دربهم فجمع أبناء قبائل نيجيريا تحت مظلة إسلامية تربطهم روحياً وثقافياً على اختلاف دياناتهم.
لقد بذل الحاج أحمد بللو في سبيل الدعوة الإسلامية الكثير رغم الصعوبات والتهديدات التي كان يواجهها فقد أسلم على يديه ما لا يقل عن نصف مليون وفي أحد المصادر أربعة مليون مسلم! ساهم في تأسيس رابطة العالم الإسلامي وعين نائباً للعاهل السعودي في رئاسة الرابطة.
وبما أن ما بذله الحاج أحمد بللو في الدعوة الإسلامية قد أثار امتعاط الكثيرين وكانت إنجازاته سببًا كافياً لبعث البعض على القضاء عليه فقد داهم مسلحين منزله بقيادة جنرال مسيحي من قبيلة الإيبو وأطلقوا عليه النار فانطلقت روحه إلى بارئها ومات شهيداً في سبيل الدعوة الإسلامية في الخامس عشر من يناير عام 1966.
وقد رجح أن السبب في اغتيال الحاج تخوف البعض من جهوده في الدعوة الإسلامية والتي اعتبرها البعض محاولة منه لأسلمة نيجيريا بالكامل ولا سيما أن أعماله الدعوية كانت لها نتائج ملحوظة وهو ما أقض مضاجع النصارى والدول الغربية الذين أدركوا أنه لو عاش طويلاً لما منعه شيء من تحقيق ذلك. رحمه الله وجمعه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.